حوارات المتوسط 2025 بنابولي: رؤية لـ “متوسط عالمي مرن” يتجاوز الأزمات

نابولي، إيطاليا – اختتمت في نابولي أعمال الدورة الحادية عشرة من “حوارات المتوسط 2025” (MED 2025). في نسخة استثنائية عُقدت للمرة الأولى خارج روما، للاحتفاء بالذكرى الـ 2500 لتأسيس المدينة.
وعلى مدى ثلاثة أيام من 15 إلى 17 أكتوبر 2025. جمع المؤتمر أكثر من 2000 مشارك و300 متحدث، في 60 جلسة، بهدف تجاوز الخطاب التقليدي.
وكما أكدت المنصات الرسمية للمؤتمر، تركز النقاش هذا العام حول محورين رئيسيين: منهما بناء “مستقبل مشترك لمتوسط مرن” (A Common Future for a Resilient Mediterranean). ورسم ملامح “متوسط عالمي يتجاوز الأزمات” (The Global Mediterranean Beyond Crises).
هذه الرغبة في “تجاوز الأزمات” وجدت صدى قوياً في كلمات فرانكو بروني، رئيس المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية (ISPI). الذي أشار إلى “اتفاق السلام الموقع في شرم الشيخ” قبل أيام، قائلاً:
“نحن نجتمع في لحظة تجلب أخيراً بصيص أمل لمنطقتنا… نأمل جميعاً أن تنهي أخيراً عامين من الصراع المأساوي… حتى بعد الصراع والألم، يمكن للحوار أن يسود.“
الرؤية: “متوسط عالمي” لـ “مستقبل مشترك”
القيادة الإيطالية قدمت رؤيتها الاستراتيجية لهذا “المستقبل المشترك”. رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، حددت ملامح “المتوسط العالمي” قائلة:
“في هذا العصر، يجب أن نتحدث عن ‘متوسط عالمي’. هذه المساحة الجغرافية، التي تعمل كجسر تواصل بين المحيط الأطلسي والمحيطين الهندي والهادئ… تولت مرة أخرى دوراً قياديماً على الساحة العالمية.”
هذه الرؤية تستند إلى ثقل ديمغرافي هائل، وهو ما أكد عليه الرئيس الإيطالي، سيرجيو ماتاريلا، في رسالته للمؤتمر:
“في الاثنين وعشرين دولة المطلة على ‘بحرنا’ (Mare Nostrum) يعيش سكان يتجاوز عددهم نصف مليار نسمة… إن كيفية تحقيق أقصى استفادة من هذا الإرث المشترك هي مسألة أكثر إلحاحاً اليوم من أي وقت مضى.“
الآلية: “خطة ماتي” لبناء “المرونة”
لترجمة هذه الرؤية نحو “المرونة” و”المستقبل المشترك” إلى واقع. برزت “خطة ماتي” (Piano Mattei) الإيطالية كآلية تنفيذ مركزية، تقوم على مبدأ الشراكة “على أساس الندية”.
وفي مداخلته الختامية، شرح نائب وزير الخارجية الإيطالي، إدموندو شيرييلي، جوهر هذه الخطة. مؤكداً أنها تستهدف بناء “المرونة” من خلال الاستثمار في الأفراد:
“التعليم، الثقافة، والتدريب – جنباً إلى جنب مع التعاون الجامعي – تمثل الركيزة الأساسية لخطة ماتي. في قلب التنمية والتعاون الدولي يكمن الفرد ونموه.”
الدبلوماسية والأمن
إلى جانب الرؤى الاستراتيجية، أكد المشاركون على ضرورة العمل الدبلوماسي والأمني الملموس. وزير الخارجية أنطونيو تاجاني، شدد على أن اختيار نابولي هو “رسالة قوية تؤكد أن المتوسط هو هوية إيطاليا”.
بينما أكد الممثل السامي للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن “أمن أوروبا يبدأ من استقرار جنوب المتوسط”.
كما استعرض سعادة الدكتور محمد بن عبد العزيز الخليفي، وزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية، دور الوساطة الحاسم في حل النزاعات.
”إعلان نابولي”: ما بعد الأزمات
اختتم المؤتمر أعماله بإصدار “إعلان نابولي”، وهو بيان ختامي دعا إلى “تجديد الالتزام بالسلام والتعاون الإقليمي”.
وبهذا، نجحت نسخة نابولي 2025 في ترسيخ الأطر الفكرية الجديدة، مقدمة رؤية واضحة لـ “متوسط عالمي مرن يتجاوز الأزمات”. ومدعوماً بآليات تعاون جديدة كـ “خطة ماتي”.