ريم بوقمرة في مواجهة نقابة الصحفيين التونسيين حول حوار “التطبيع” من تل أبيب

أثار الإعلان عن بث مقابلة أجرتها الصحفية التونسية ريم بوقمرة مع الوزير الإسرائيلي آفي ديختر. عاصفة من الجدل والغضب في الأوساط الإعلامية والشعبية التونسية.
وصلت ذروتها بإصدار النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بيانًا شديد اللهجة. اعتبرت فيه الحوار “تبييضاً لرموز الاحتلال”، وخرقاً فاضحاً لأخلاقيات المهنة والإجماع الوطني الرافض للتطبيع.
شرارة الأزمة: منبر إعلامي لشخصية أمنية جدلية
بدأت القصة بعد نشر الصحفية التونسية ريم بوقمرة، التي تعمل لصالح قناة “العربية”، صورة تجمعها مع آفي ديختر إثر زيار إلى تل أبيب. وهو أحد أبرز وجوه المشهد الأمني والسياسي في إسرائيل.
ديختر، الذي يشغل حالياً منصب وزير الزراعة، يحمل تاريخاً طويلاً ومثيراً للجدل. أبرزه توليه رئاسة جهاز الأمن العام (الشاباك) بين عامي 2000 و2005. وهي فترة ارتبطت بعمليات الاغتيال المستهدف ضد القادة الفلسطينيين خلال الانتفاضة الثانية.
الإعلان عن بث الحوار في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، اعتُبر من قبل الكثيرين خطوة صادمة ومستفزة. مما استدعى تدخلاً سريعاً من الهياكل المهنية الصحفية.
رد فعل النقابة: إدانة ورفض قاطع
لم تتأخر النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين في التعبير عن موقفها. حيث أصدرت بياناً بتاريخ 28 أغسطس 2025، أدانت فيه المقابلة بشكل قاطع.
وجاء في البيان أن هذه الخطوة “تتعارض بشكل صارخ مع أخلاقيات المهنة الصحفية”. وتمثل “خرقاً فاضحاً للإجماع الوطني الراسخ الرافض لكل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني.”
وشددت النقابة على أن الحوار يفتقر لأي “ضرورة مهنية أو مصلحة إخبارية”. بل إنه يتحول إلى “منصة لتبييض الاحتلال وتضليل الرأي العام”. وذهبت إلى أبعد من ذلك، واصفة العمل بأنه “قرار سياسي مغلّف بطابع إعلامي” و”تواطؤ ناعم مُغلّف بلغة ‘الحياد’ المزيّف”.
أبعد من مقابلة: جدل أخلاقي وسياسي
تجاوزت القضية كونها مجرد مقابلة صحفية لتفتح نقاشاً أوسع، حول حدود المهنية الإعلامية ومسؤوليتها الأخلاقية. خاصة في سياق تغطية الصراع العربي الإسرائيلي.
فبينما قد يدافع البعض عن المقابلة من باب “الرأي والرأي الآخر” وحق الجمهور في المعرفة. ترى النقابة وقطاع واسع من الرأي العام أن منح منبر إعلامي لشخصية مثل ديختر، بتاريخه الأمني الحافل. لا يخدم المصلحة العامة بقدر ما يخدم أجندات التطبيع التي ترفضها الشعوب العربية.
إن تزامن الحوار مع سقوط مئات الصحفيين شهداء في غزة برصاص جيش الاحتلال، ضاعف من حدة الانتقادات. حيث اعتبره كثيرون تجاهلاً لتضحيات الزملاء وتواطؤاً مع “الجلاد”، على حد تعبير بيان النقابة.
يبقى هذا الحوار علامة فارقة في سجل الإعلام العربي، ليس لمحتواه، بل لما كشفه من انقسام عميق حول الدور الأخلاقي للصحافة في مواجهة قضايا التحرر الوطني والعدالة الإنسانية.