الفيلم التونسي الكوميدي ” مشكي وعاود ”، رحلة بين الأزمنة، فمزيج بين الضحك والتّراجيديا…
“مشكي وعاود” خليط من الكوميديا والتراجيديا…
تفتقر تونس منذ زمن طويل عموما، في إنتاج الأعمال السّينمائيّة ككلّ. حيث يشهد هذا الميدان ركود تامّ في النّهوض بهذا المجال. قد يكمن في معاناة المنتجين التّونسيين في تكبّد المصاريف التي يتحمّلها الفيلم الواحد.
ماينتج عليها أحيانا في التضحية الذّاتية لكامل فريق العمل، لنجاح أيّ منتوج سينمائي سواء أن كانوا تقنيين، ممثلين، وغيرهم. هذا مقارنة بما يحصل في بلدان صناعة الأفلام المجاورة لتونس التي قد تكون مواردها الأساسيّة هو السّينما.
كما ذكرنا ٱنفا، لئن مجال الفنّ السّابع يشهد صعوبة من جانب الإنتاجات السّنوية. إلّا أنّ النّجاح كان في الموعد. ليبرز الفيلم الكوميدي التّونسي الحدث ”مشكي وعاود ” بعد غياب طويل وتعطّش شديد لدى الجمهور التّونسي.
نبذة عن فيلم مشكي وعاود:
في إنتظار هذا العمل الطّويل لقيس شقير، الذي يأتي من بعيد ليضخّ فينا هذا العمل المميّز، الذي يحاكي رحلة وقتان من الزّمن عاشاهما المواطن التّونسي.
وهذا بين فترة حكم الرّئيس الأسبق الرّاحل زين العابدين بن علي، الذي حدّدها المخرج في سنة 2009. أي قبل إشتعال الإحتجاجات في كانون الأول/ ديسمبر من العام الموالي.
وفترة الرابع عشر من يناير/ جانفي 2011، بعد إنقلاب أوضاع البلاد إلى رؤية سينمائيّة. ٱرادها المخرج هنا لتكون مزيج من هستيريا الضحك لدى الجمهور داخل قاعة العرض. التي كانت ملئى بشرائح عمريّة مختلفة ومعظمها من الشباب.
”مشكي وعاود ” أو الـ ”Rebelote”، عمل سينمائي كوميدي مميّز، شارك في رحلتيه الزمنيتين، كلّ من بسّام الحمراوي، كريم الغربي، وجعفر الڤاسمي، من وزّعت لهم الأدوار الرّئيسيّة. لتنقسم بينهم محاور ثلاث مركزيّة كانت قد إرتبطت هي الأخرى بفترة عهد الدّكتاتوريّة ومابعدها، أيّ زمن ثورة الياسمين، بطريقة ساخرة نقديّة عن تلك الأوضاع.
الشخصيات المركزيّة:
أين إرتكز على الممثل بسّام إنتمائة إلى الشيوعيّة، وكريم أختير له تقمّص دور ”أبو خنجر” رجل الدّين الملتحي والملتزم. فجعفر من أنتسب له دور ذلك الشخص المنتمي للتّجمع الدّستوري. وهو الحزب الحاكم في البلاد في فترة بن علي.
لعبة الأزمنة، التي رٱها وجسّدها قيس شقير مخرج العمل في هذا الفيلم، جعلت المتفرّج يسافر مع الممثلين الثلاث. في رحلة إفتراضيّة زمنيّة، بين حقبتين من الزمن المنسبتان إلى سنوات 2009 و 2011…
من الأدوار الهامّة أيضا، للمبدع سفيان الدّاهش، الذي كان بمثابة دينامو العمل الكوميدي. والممثّلة القديرة فاطمة بن سعيدان التي لم يكن لها مشاهد كبيرة. لكنّها حظيت بلحظات دراميّة جمهعا والفنّان جعفر الڤاسمي في لحظات مؤثّرة يقشعرّ لها البدن. بين هذا الثنائي الذي عبّر بأحاسيس بعيدة عن التّمثيل وكأنّ بهما في لحظات يحاكيان من خلالها بالنّدم واللّوم…
صاحب العمل أيضا تطرّق إلى قضيّة هامّة أثارت الجدل، خصوصا بعد الثورة التونسية. وهو موضوع الشذوذ الجنسي الذي تقمّص دوره الممثل الشاذلي العرفاوي. وكان له مساحة زمنيّة أظهر فيها للجمهور أنّه قادر على تقمّص أدوار تبدو جريئة بعض الشيء. أين تناولها الأخير بصدى إيجابي من جمهور قاعة السينما تفاعلا مع قهقهات الحظور.
كواليس:
عن كواليس فيلم “مشكي وعاود” الذي تطول روايته في الساعتين، وهو من إنتاج باديس السّافي. الذي صرّح في أحد تدخّلاته الإعلاميّة، وكما ذكرنا في بداية هذا المقال المطوّل، عن أزمة تمويل الإنتاجات السّينمائية والدّعم. يقول بأنّه رهن منزله من أجل إنجاز هذا العمل الذي كان صداه جماهيريا فاق التطلّعات.